‏إظهار الرسائل ذات التسميات القانون. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات القانون. إظهار كافة الرسائل

🔴 قوانين إشنونا: تاريخها، محتواها، وتأثيرها على تاريخ القانون

قوانين إشنونا: تاريخها، محتواها، وتأثيرها على تاريخ القانون

.



.


### **1. التعريف والتاريخ:**  

قوانين إشنونا Eshnunna هي واحدة من أقدم المدونات القانونية في بلاد ما بين النهرين، تعود إلى مملكة إشنونا (تقع شمال بابل، في العراق حاليًا). صدرت حوالي عام **1930 ق.م** (خلال عصر فجر السلالات)، أي قبل شريعة حمورابي بحوالي **150–200 عام**.  

- **صاحبها**: يُعتقد أنها كُتبت في عهد الملك **بيلالاما** أو الملك **دادوشا**، حكام إشنونا.  

- **اللغة**: كُتبت باللغة الأكَّادية، لكن بحروف مسمارية سومرية، مما يعكس مرحلة انتقالية ثقافية.  

- **الاكتشاف**: عُثر على ألواحها في موقع **تل حرمل** (قرب بغداد) عامي **1945 و1947**.  


---


### **2. محتوى القوانين:**  

تضم حوالي **60 مادة قانونية** (بعضها مفقود)، وتغطي مواضيع مثل:  

- **الجنايات**:  

  - معاقبة جرائم القتل والسرقة والاعتداء، مع فرض **غرامات مالية** بدلًا من العقوبات الجسدية في معظم الحالات.  

  - مثال: المادة 24 تنص على دفع **40 شيقل فضة** كتعويض عن قتل شخص حر.  

- **المسائل المدنية**:  

  - تنظيم عقود الزواج والطلاق وحضانة الأطفال.  

  - تحديد أسعار السلع الأساسية (مثل الشعير والزيت) وأجور العمال، مما يُظهر اهتمامًا بالاقتصاد.  

- **قضايا الملكية**:  

  - معاقبة سرقة الماشية أو إتلاف الممتلكات.  

  - مثال: المادة 53 تفرض غرامة على من يسبب بموت ثور بقرن ثور آخر!  


---


### **3. الخصائص البارزة:**  

- **التركيز على التعويض المالي**: مثلت بداية تحوُّل من ثقافة الانتقام الجسدي إلى نظام تعويضات ممنهج.  

- **الواقعية الاقتصادية**: حددت أسعارًا ثابتة للسلع والخدمات، مثل أجور استئجار القوارب أو الحيوانات.  

- **التمييز الطبقي**: فرضت عقوبات مختلفة بين الأحرار والعبيد، لكن بدرجة أقل قسوة من شريعة حمورابي.  

- **الربط بين القانون والدين**: نُسبت الشرعية القانونية لإرادة الآلهة، خاصة إله المدينة **تيشباك**.  


---


### **4. التأثير على تاريخ القانون العالمي:**  

- **جسر بين السومريين والبابليين**: مثلت حلقة وصل بين شريعة أورنمو السومرية (2100 ق.م) وشريعة حمورابي البابلية (1755 ق.م).  

- **إلهام لحمورابي**: استفادت شريعة حمورابي من العديد من مواد قوانين إشنونا، خاصة في مجال التعويضات المالية وتنظيم التجارة.  

- **نموذج للتشريع المدني**: ساهمت في ترسيخ فكرة **القانون كأداة لضبط المجتمع**، بعيدًا عن العرف الشفهي.  

- **التأثير غير المباشر على الشرق الأدنى**: انتقلت مبادئها عبر الحضارات المجاورة إلى الفينيقيين والعبرانيين، وربما أثرت على قوانين التوراة.  


---


### **5. مقارنة مع شرائع أخرى:**  

| **الجانب**         | **قوانين إشنونا**          | **شريعة حمورابي**          |  

|---------------------|----------------------------|----------------------------|  

| **التاريخ**         | ~1930 ق.م                  | ~1755 ق.م                  |  

| **اللغة**           | أكَّادية بحروف سومرية     | أكَّادية بحروف مسمارية    |  

| **العقوبات**        | غرامات مالية غالبًا       | قصاص جسدي ("العين بالعين")|  

| **الهدف**           | تنظيم الحياة اليومية      | تعزيز شرعية الملك         |  


---


### **6. ملاحظات مهمة:**  

- **ليست مدوَّنة كاملة**: اكتُشف جزء من موادها، وقد تكون القوانين الأصلية أكثر تفصيلًا.  

- **سبقتها قوانين أخرى**: مثل إصلاحات أوركاجينا (2350 ق.م) في لجش، لكنها أكثر تطورًا.  

- **دورها في التاريخ القانوني**: تُعتبر خطوة حاسمة في تطور القانون من الأعراف الشفهية إلى النصوص المكتوبة المنظمة.  


---


### **ختامًا:**  

قوانين إشنونا تمثل **مرحلة متقدمة في تطور التشريع البشري**، حيث جمعت بين التنظيم الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، وأرسَت أساسًا استندت إليه الحضارات اللاحقة. رغم أنها أقل شهرة من شريعة حمورابي، إلا أنها كانت لَبِنة حيوية في صرح تاريخ القانون العالمي.

🔴 شريعة أورنمو: تاريخها، محتواها، وتأثيرها على تاريخ القانون

شريعة أورنمو: تاريخها، محتواها، وتأثيرها على تاريخ القانون

.



.

**1. التعريف والتاريخ:**  

شريعة أورنمو Ur-Nammu هي أقدم مدونة قانونية مكتوبة مكتشفة حتى الآن، تعود إلى الحضارة السومرية في بلاد ما بين النهرين (العراق حاليًا). صدرت في عهد الملك أورنمو (حكم حوالي 2112–2095 ق.م)، مؤسس سلالة أور الثالثة، وكُتبت باللغة السومرية. تم اكتشاف أجزاء منها في مدينة "نيبور" السومرية عام 1952، وتعود إلى حوالي 2100–2050 ق.م، أي أقدم من شريعة حمورابي بحوالي ثلاثة قرون.  


---


**2. محتوى الشريعة:**  

- تضم 57 مادة قانونية باقية (من أصل قد يصل إلى 40-50 مادة إضافية مفقودة)، وتغطي مواضيع مثل:  

  - الجنايات: معاقبة جرائم مثل القتل والسرقة والاعتداء.  

  - العلاقات الاجتماعية: تنظيم الزواج والطلاق وحقوق النساء والأطفال.  

  - الاقتصاد: تحديد أجور العمال وتعويضات الأضرار الزراعية.  

  - العقوبات: اعتماد نظام **تعويض مالي** بدلًا من العقوبات الجسدية (مثل "العين بالعين")، مما يجعلها أقل قسوة من شريعة حمورابي.  

  - **مثال**: المادة 1 تنص على تعويض قدره **15 شيقل فضة** لمن يقتل عبدًا لآخر.  


---


**3. الخصائص البارزة:**  

- **التركيز على العدالة الاجتماعية**: تضمنت حماية للفقراء والأرامل والأيتام.  

- **الربط بين الدين والقانون**: قدم أورنمو نفسه كممثل لإرادة الآلهة (خاصة الإله نانا، إله القمر).  

- **التنظيم البيروقراطي**: ركزت على إدارة الدولة وتنظيم الزراعة والتجارة.  


---


**4. التأثير على تاريخ القانون العالمي:**  

- **الأولوية الزمنية**: تعتبر نقطة البداية لتطور فكرة **القانون المدون**، مما أثر على الشرائع اللاحقة مثل **شريعة لبت-إشتار** (1930 ق.م) و**شريعة حمورابي** (1755 ق.م).  

- **نموذج للشرائع القديمة**: قدمت هيكلًا قانونيًا اعتمدت عليه حضارات بلاد ما بين النهرين في صياغة قوانينها.  

- **الإرث الإنساني**: ساهمت في ترسيخ مبدأ **المساواة النسبية أمام القانون**، رغم اختلاف العقوبات بين الطبقات.  

- **التأثير غير المباشر**: ربما ألهمت الفكر القانوني في الشرق الأدنى القديم، الذي انتقل لاحقًا إلى الحضارات المتوسطية عبر التبادل الثقافي.  


---


**5. مقارنة مع شريعة حمورابي:**  

- **العقوبات**: شريعة أورنمو تعتمد على **الغرامات المالية**، بينما شريعة حمورابي اشتهرت بمبدأ **القصاص الجسدي**.  

- **اللغة**: كُتبت أورنمو بالسومرية (لغة مقدسة)، بينما كُتبت حمورابي بالأكدية (لغة الحياة اليومية).  

- **الهدف**: ركزت أورنمو على **تنظيم الدولة**، بينما حمورابي اهتمت **بإبراز عدالة الملك**.  


---


**6. ملاحظات مهمة:**  

- **ليست كاملة**: معظم ألواحها مفقودة، واكتُشف جزء صغير منها.  

- **سبقتها قوانين أخرى**: يُعتقد أن **إصلاحات أوركاجينا** (2350 ق.م) في مدينة لجش كانت محاولة مبكرة لإقرار العدالة، لكنها لم تُدوَّن كمدونة مفصلة.  

- **رمزية الحكم**: مثلت الشريعة أداة لتعزيز شرعية حكم أورنمو كـ"ملك العدالة".  


---


**ختامًا:**  

شريعة أورنمو تمثل **اللبنة الأولى** في تاريخ التشريع البشري، حيث حوَّلت الأعراف الشفهية إلى قوانين مكتوبة ومنظمة، مما مهَّد الطريق لتطور الأنظمة القانونية في الحضارات اللاحقة. رغم أن شهرتها أقل من شريعة حمورابي، إلا أنها تُظهِر تطورًا مبكرًا لفكرة "سيادة القانون" كأداة لضبط المجتمع.

🔴 شريعة حمورابي: تاريخها، محتواها، وتأثيرها على تاريخ القانون

شريعة حمورابي: تاريخها، محتواها، وتأثيرها على تاريخ القانون

.



.

1. التعريف والتاريخ:

شريعة حمورابي Hammurabi هي واحدة من أقدم المدونات القانونية المكتوبة في التاريخ، تعود إلى الحضارة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين (العراق حاليًا). صدرت في عهد الملك حمورابي (حكم من 1792 إلى 1750 ق.م تقريبًا)، ووُضعت حوالي عام 1755 ق.م. نُقشت على مسلة من حجر الديوريت الأسود، واكتُشفت في سوسة (إيران حاليًا) عام 1901، وهي معروضة الآن في متحف اللوفر بباريس.


2. محتوى الشريعة:

* تحتوي على 282 مادة قانونية تغطي مواضيع مثل:  

  - العدالة الجنائية (مبدأ "العين بالعين والسن بالسن" للجرائم بين الأفراد المتساوين في الطبقة).  

  - التجارة والزراعة (تنظيم الأسعار، وأجور العمال، ومسؤولية المقاولين).  

  - الأسرة والميراث (حقوق الزواج، الطلاق، وحماية النساء والأطفال).  

  - الطبقات الاجتماعية (تمييز في العقوبات بين النبلاء والعوام والعبيد).  


* مثال شهير: المادة 229 تنص على أن من يبني منزلًا ينهار ويقتل صاحبه يُعدم، بينما إذا قتل ابن صاحب المنزل، يُعدم إبن الباني!


3. الخصائص البارزة:

- التدوين العلني: نُشرت القوانين على مسلة ليعرفها الجميع، مما قلل من تعسف الحكام.  

- الربط بين الدين والقانون: قدم حمورابي نفسه كمختار من الآلهة (خاصة إله الشمس شمش) لتحقيق العدالة.  

- العدالة النسبية: رغم قسوة بعض العقوبات، راعت الظروف الاجتماعية والاقتصادية.


4. التأثير على تاريخ القانون العالمي:

- إرث بلاد ما بين النهرين: أثرت على الشرائع اللاحقة مثل القانون الآشوري والقانون العبري (خاصة في التوراة، كقانون "العين بالعين").  

- فكرة التدوين: كانت خطوة رائدة في تحويل العرف الشفهي إلى قوانين مكتوبة، مما عزز الشفافية والاستقرار الاجتماعي.  

- الإلهام للحضارات اللاحقة: رغم عدم اتصال مباشر مع القانون الروماني، إلا أن مبدأ "سيادة القانون" الذي تجسده الشريعة ترك أثرًا غير مباشر على تطور الفكر القانوني الغربي.  


5. ملاحظات مهمة:

- شريعة حمورابي ليست الأولى تمامًا، إذ سبقتها مدونات مثل "شريعة أورنمو" (السومرية، 2100 ق.م) و"قوانين إشنونا" (1930 ق.م)، لكن شريعة حمورابي هي الأكثر اكتمالًا.  

- رمزية أكثر من تطبيق عملي: يُعتقد أن بعض القوانين كانت تُستخدم لدعم شرعية الملك أكثر من كونها نصوصًا عملية.  


ختامًا:

شريعة حمورابي تمثل نقطة تحول في تاريخ البشرية نحو تأسيس أنظمة قانونية منظمة، مما أرسى أسسًا لفكرة العدالة المدونة التي استمدت منها الحضارات اللاحقة مبادئها، مما يجعلها إرثًا إنسانيًا لا يُنسى.



.

🔴 العلاقة بين احترام الحريات الشخصية وتطور المجتمع وإزدهاره (مقال)

.
العلاقة بين احترام الحريات الشخصية وتطور المجتمع وإزدهاره



العلاقة بين احترام الحريات الشخصية وتطور المجتمع وإزدهاره علاقة متجذرة ووثيقة، حيث أثبتت التجارب التاريخية والواقعية أن المجتمعات التي تقدر حرية الأفراد تحقق معدلات أعلى من التطور والابتكار.
فاحترام الحريات الشخصية يفتح المجال أمام العقول للتفكير الحر والتعبير عن أفكارها دون خوف من القمع. على سبيل المثال، شهد عصر النهضة في أوروبا طفرة في الفن والعلوم بعد تراجع السلطة الدينية القمعية وإفساح المجال للحريات الفكرية. ليوناردو دافنشي وغاليليو غاليلي هما مثالان بارزان استفادا من أجواء الحرية النسبية آنذاك لإنتاج إبداعات غيّرت مسار التاريخ.
ثم أن المجتمعات التي تحترم الحريات الشخصية توفر بيئة مشجعة للبحث العلمي والابتكار. في القرن العشرين، مثّلت الولايات المتحدة مثالاً عمليًا، حيث أدى احتضان العلماء اللاجئين من أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية إلى تحقيق قفزات علمية هائلة، منها تطوير الحواسيب وأبحاث الفضاء. في المقابل، فإن الأنظمة التي قمعت الحريات، كالاتحاد السوفياتي، عانت من تراجع في الابتكار رغم بعض النجاحات المؤقتة. ولا مجال للحديث هنا عن العالم "العربي الإسلامي" الذي لم نر له أي مساهمة في تطوير أي شيء منذ قرون بسبب عقلية كراهية الٱخر والتحريم والتهديد المسلط على كل من يخرج عن القطيع (سواء كان ذلك سياسيا أو دينيا أو حتى فكريا).
علاوة على ذلك، احترام الحريات الشخصية يجعل الأفراد أكثر اندماجًا في قضايا مجتمعاتهم. وتجربة حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة في الستينيات تثبت أن تعزيز حرية التعبير والمشاركة السياسية يساهم في تحسين العدالة الاجتماعية والتطور المجتمعي. بفضل هذه الحركة، أُزيلت قوانين الفصل العنصري، مما ساعد في بناء مجتمع أكثر تماسكًا.
من ناحية أخرى، من الملاحظ أن المجتمعات التي تحترم التنوع الفكري والثقافي تحقق مستويات أعلى من التماسك والتنمية. مثال على ذلك تجربة دولة جنوب إفريقيا بعد انتهاء نظام الفصل العنصري، حيث اعتمدت البلاد على مبادئ المساواة واحترام الحريات لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.
فالاستقرار الناتج عن احترام الحريات هو أساس التطور الاقتصادي والعلمي. في القرن الحادي والعشرين، أصبحت دول مثل فنلندا والسويد نموذجًا عالميًا، حيث تجمع بين حرية التعبير والبحث العلمي المتقدم لتحقيق رفاهية مجتمعية عالية.

من خلال التاريخ والواقع، يتضح أن احترام الحريات الشخصية هو المحرك الأساسي لتطور المجتمعات وازدهارها علميًا وثقافيًا. فالمجتمعات التي تمنح الحرية لعقول أفرادها تحصد ثمار الإبداع والابتكار، بينما تلك التي تقمع الحريات تبقى عالقة في دوائر الركود والتراجع.

🔴 العلاقة بين احترام الحريات الشخصية وتطور المجتمع وإزدهاره (مقال)

.
العلاقة بين احترام الحريات الشخصية وتطور المجتمع وإزدهاره



العلاقة بين احترام الحريات الشخصية وتطور المجتمع وإزدهاره علاقة متجذرة ووثيقة، حيث أثبتت التجارب التاريخية والواقعية أن المجتمعات التي تقدر حرية الأفراد تحقق معدلات أعلى من التطور والابتكار.
فاحترام الحريات الشخصية يفتح المجال أمام العقول للتفكير الحر والتعبير عن أفكارها دون خوف من القمع. على سبيل المثال، شهد عصر النهضة في أوروبا طفرة في الفن والعلوم بعد تراجع السلطة الدينية القمعية وإفساح المجال للحريات الفكرية. ليوناردو دافنشي وغاليليو غاليلي هما مثالان بارزان استفادا من أجواء الحرية النسبية آنذاك لإنتاج إبداعات غيّرت مسار التاريخ.
ثم أن المجتمعات التي تحترم الحريات الشخصية توفر بيئة مشجعة للبحث العلمي والابتكار. في القرن العشرين، مثّلت الولايات المتحدة مثالاً عمليًا، حيث أدى احتضان العلماء اللاجئين من أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية إلى تحقيق قفزات علمية هائلة، منها تطوير الحواسيب وأبحاث الفضاء. في المقابل، فإن الأنظمة التي قمعت الحريات، كالاتحاد السوفياتي، عانت من تراجع في الابتكار رغم بعض النجاحات المؤقتة. ولا مجال للحديث هنا عن العالم "العربي الإسلامي" الذي لم نر له أي مساهمة في تطوير أي شيء منذ قرون بسبب عقلية كراهية الٱخر والتحريم والتهديد المسلط على كل من يخرج عن القطيع (سواء كان ذلك سياسيا أو دينيا أو حتى فكريا).
علاوة على ذلك، احترام الحريات الشخصية يجعل الأفراد أكثر اندماجًا في قضايا مجتمعاتهم. وتجربة حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة في الستينيات تثبت أن تعزيز حرية التعبير والمشاركة السياسية يساهم في تحسين العدالة الاجتماعية والتطور المجتمعي. بفضل هذه الحركة، أُزيلت قوانين الفصل العنصري، مما ساعد في بناء مجتمع أكثر تماسكًا.
من ناحية أخرى، من الملاحظ أن المجتمعات التي تحترم التنوع الفكري والثقافي تحقق مستويات أعلى من التماسك والتنمية. مثال على ذلك تجربة دولة جنوب إفريقيا بعد انتهاء نظام الفصل العنصري، حيث اعتمدت البلاد على مبادئ المساواة واحترام الحريات لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.
فالاستقرار الناتج عن احترام الحريات هو أساس التطور الاقتصادي والعلمي. في القرن الحادي والعشرين، أصبحت دول مثل فنلندا والسويد نموذجًا عالميًا، حيث تجمع بين حرية التعبير والبحث العلمي المتقدم لتحقيق رفاهية مجتمعية عالية.

من خلال التاريخ والواقع، يتضح أن احترام الحريات الشخصية هو المحرك الأساسي لتطور المجتمعات وازدهارها علميًا وثقافيًا. فالمجتمعات التي تمنح الحرية لعقول أفرادها تحصد ثمار الإبداع والابتكار، بينما تلك التي تقمع الحريات تبقى عالقة في دوائر الركود والتراجع.

🔴 إقصاء الٱخر: ملاحظات لتفكيك الفكر الديكتاتوري العروبي الإسلامي (مقال)

.

إقصاء الٱخر: ملاحظات لتفكيك الفكر الديكتاتوري العروبي الإسلامي

.


منذ المجزرة التي قام بها تنظيم حماس الإرهابي في السابع من أكتوبر 2023، لاحظنا تزايد طوفان الكراهيّة والعنف اللفظي والتّحريض والتّخوين على مواقع التّواصل الإجتماعي، في محتواها النّاطق بالعربيّة، في إطار تصوّر ذي قطبين بين مساند لحماس وإرهابها ومساند لحقّ دولة إسرائيل في الرّدّ على من يهدّدون أمنها وإستقرارها وسلامة مواطنيها. بطبيعة الحال، معرفة الطّرف الذي يستعمل خطاب الكراهية والعنف ليست صعبة: فهو الطرف المتبنّي لوجهة النّظر الحمساوية الإيرانية الكارهة لليهود والمحرّضة ضدّهم وضدّ كل من قد تسوّل له نفسه أن يقول أيّ كلمة ضدّ حماس وقضيّتها الوهميّة التي تتاجر بها أو مع الحقّ الإسرائيلي. في هذه الحال، سيتمّ وصمك بالخيانة (خيانة من؟ أو خيانة ماذا؟ الأجوبة كثيرة ومتناقضة ولا علاقة لها بالواقع) والعمالة للغرب (اين أدلّة العمالة؟ أين الربح المادي؟ لا شيء) وإنعدام الشّرف (ما معنى الشّرف أصلا وما مقاييسه؟ لا أحد سيجيبك) وحتى تكفيرك (وما علاقة صراع سياسي أو حرب بالكفر والإيمان؟ لا علاقة) وتهديدك بالتّصفية، في إستعادة واضحة للطبيعة الهمجيّة التي زرعتها الثقافة القبليّة العروبيّة البدويّة الممزوجة والمتماهية مع الهمجيّة الإرهابيّة الإسلامية النابعة من القرٱن والسّنّة والأحاديث ونهيق الفقهاء ونباح الأئمة طوال أربعة عشر قرنا من هيمنة الرجعيّة الدينية وثقافة القطيع على العقول. وفي إطار هذا الإستقطاب، لم يسلم حتى المحايدون الذين يعبّرون عن عدم إهتمامهم بالموضوع أصلا. فكيف تقول انّك غير مهتمّ بما يحدث لـ"إخوانك في العروبة والإسلام"؟ كيف تقول أن هذه القضيّة "العادلة" (حسب السّردية العروبيّة الإسلاميّة، بطبيعة الحال) لا تهمّك؟ ألا ترى أن الغربيّين أنفسهم يدعمون الفلسطينيين ويساندون "حقّهم في الدّفاع عن أرضهم"؟ ألا ترى الطّلاب يتظاهرون في الجامعات الامريكية رافعين علم فلسطين؟ مجاهدو حماس يدافعون عن "شرف الأمّة"، فكيف لا يهمّك الأمر؟ أنت بلا شرف وخائن لإخوانك. أنت عميل للغرب الإستعماري. أنت صهيوني عربي. أنت متصهين. إلخ.

لا جدوى من الإستفاضة في ذكر شتّى النعوت والأوصاف والشتائم، إذ لا أعتقد أن هناك من لم تعترضه هذه الاشياء وهو يتصفّح المنشورات على مواقع التّواصل. ثم أن هذا ليس موضوع المقال، فقد أردت إبداء بعض الملاحظات حول أحد أبرز تجليات الإرهاب الإسلامي أو أحد أهم مداخله: إقصاء الٱخر المخالف.

تقوم العقلية العربية الإسلامية على فكرة أحاديّة لا تقبل شريكا، وهي في الحقيقة نتيجة طبيعيّة أو إنعكاس طبيعي لفكرة التوحيد ووحدانية الإله الذي لا شريك له ولا يريد أن يُشرك به. هذه الفكرة أهمّ مدخل من مداخل الدّيكتاتورية، سواء كانت سياسية، إجتماعية، عائلية، إلخ: ديكتاتورية الإله الواحد والدين الواحد والقائد الواحد والرأي الواحد والنمط الواحد واللباس الواحد والذوق الواحد. ولو إستعرضت تاريخ الشّعوب القديمة لرأيت قمّة التّعايش السّلمي (الذي يطلق عليه البعض، نفاقٔا، لفظ "تسامح"، وهو لفظ يستبطن فكرة عدم المساواة) عند الشّعوب متعدّدة الٱلهة مثل مصر القديمة، الإغريق، الرومان. وحتّى في السردية الإسلامية (رغم أنّها جزء من كومة أكاذيب ممتدّة على اربعة عشر قرنا تمّ ترسيخها بقوّة السّيف وغسيل الأدمغة كحقيقة دون أدلّة واضحة عدا ما نقله المسلمون، وهو في مجمله محاولات نرجسية لتعظيم دينهم ورموزه مليئة بالثغرات والتناقضات والقصص الخرافية) حتى في هذه السردية يحدثونك عن أن المكعّب الحجري المسمّى الكعبة كان قبل الإسلام محاطا بالكثير من التماثيل التي يسمّونها أصناما والتي تمثّل ٱلهة الكثير من القبائل.

يقول تقيّ الدين الفاسي: "وكان جملة ما بمكة من الأصنام حول الكعبة في يوم الفتح ثلاثمائة وستون صنما، على ما رويناه عن إبن عباس، ونصّ حديثه، قال: دخل رسول الله مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، منها ما قد شُدّ بالرّصاص، وطاف على راحلته وهو يقول: جاء الحق وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا، ويشير إليها، فما من صنم أشار إلى وجهه إلا وقع على دبره ولا أشار إلى دبره إلا وقع على وجهه، حتى وقعت كلّها." (تقيّ الدين الفاسي، "الزّهور المقتطفة من تاريخ مكّة المشرّفة"، الباب الأربعون، الطبعة الاولى، مكتبة الثقافة الدّينية، 2001, ص345)

بل وتخبرنا نفس السردية الإسلامية بأن كعبة قريش لم تكن الوحيدة في الجزيرة العربية، فقد كانت هناك 23 أو 24 كعبة مماثلة لكعبة مكّة يحجّ إليها العرب قبل الإسلام، من بينها كعبة اللاّت بالطّائف وكعبة مناة وكعبة العزى وكعبة غطفان وكعبة نجران وكعبة رئام وكعبة ذي الخلصة، إلخ (المصادر: جواد علي، "المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام" وإبن السائب الكلبي، "كتاب الأصنام") ورغم إختلاف أشكالها واحجامها من مكان إلى ٱخر، إلّا أنّها كلّها كانت بيوتا لٱلهة قبائل مختلفة. وأكثر من ذلك، كانت هناك في جزيرة العرب قبائل تدين باليهودية أو النصرانية (أريوسيّة أو نسطوريّة)... وحتى في قريش، كان هناك عائلات يهودية ونصرانيّة، ولعل أشهر مثال هو ورقة بن نوفل، إبن عمٌ خديجة بنت خويلد، الذي قيل عنه: "وأما ورقة بن نوفل فقد تنصّر، فاستحكم في النّصرانيّة، واتّبع الكتب من أهلها، حتّى علم علما كثيرا من أهل الكتاب". (إبن إسحاق، السّيرة النّبويّة، دار الكتب العلميّة، ج1، بيروت، 2004، ص162) لكن رغم كل هذا، لم تنقل لنا نفس السردية الإسلامية أن تلك القبائل ذوات الٱلهة المختلفة قد نشبت بينها حروب أو تمّت فيها جرائم بسبب إختلاف ٱلهتهم ومعتقداتهم. والحروب التي نُقلت لنا لأخبارها كانت أسبابها مادية بحتة متعلقة بالسيطرة على الموارد في تلك البيئة الصحراوية الشحيحة، أو شخصيّة كالعداوة بين شخصين أو طلبا لثأر. أما الجرائم فكانت في معظمها مرتكبة من طرف الصعاليك الخارجين عن قوانين وأعراف قبائلهم.

لم يُصبح الإختلاف مشكلة إلّا بإدّعاء محمد بن ٱمنة النّبوّة وإحتكاره لكلّ شيء: بداية من فكرة الإله (فإله الإسلام هو الوحيد الحقيقي وباقي الٱلهة أصنام وخرافات لا تنفع - رغم أنّ إله محمّد نفسه لم يثبت أنّه موجود أصلا، حتى نتساءل عن نفعه من عدمه). فتمّ تحطيم كل تماثيل ٱلهة العرب وإجبار أهل قريش على دخول الإسلام بحدّ السّيف وتمّ إضطهاد النّصارى واليهود وقتلهم وطردهم من أراضيهم. وتمّت تصفية كل من قال كلمة نقد أو سخرية في حقّ محمد أو قرٱنه أو ربّه. وقصّة النّضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط أبرز مثال على بداية تغلغل فكرة إقصاء الٱخر المخالف، ولو كانت هذه المخالفة مقتصرة على إبداء رأي أو إنتقاد فكرة. أنت تخالفني الرّأي، إذن أنت تستحقّ أن أقتلك.

والإسلام هو الدين الوحيد الذي يعرّف نفسه بإقصائه للٱخر. فحتى الشهادتان اللتان ينطقهما المسلم إقصاء. فالقول "أشهد أنّ لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله"، إضافة إلى كونها شهادة زور، تعني حرفيّا أن كلّ الٱلهة خرافات وأنّ الإله الوحيد والحقيقي هو الله الإسلامي. وبالتالي، فالإسلام بطبيعته مبني على تسفيه الديانات الأخرى وتكذيبها، عوض أن يكون مكتفيا بنفسه معرّفا لذاته بطريقة تتجنّب إفتعال المشاكل مع الٱخرين كالقول "أشهد أن إلهي هو الله"،

هذه بعض الملاحظات أردت أن أسوقها، وللحديث بقية.


🔴 إقصاء الٱخر: ملاحظات لتفكيك الفكر الديكتاتوري العروبي الإسلامي (مقال)

.

إقصاء الٱخر: ملاحظات لتفكيك الفكر الديكتاتوري العروبي الإسلامي

.


منذ المجزرة التي قام بها تنظيم حماس الإرهابي في السابع من أكتوبر 2023، لاحظنا تزايد طوفان الكراهيّة والعنف اللفظي والتّحريض والتّخوين على مواقع التّواصل الإجتماعي، في محتواها النّاطق بالعربيّة، في إطار تصوّر ذي قطبين بين مساند لحماس وإرهابها ومساند لحقّ دولة إسرائيل في الرّدّ على من يهدّدون أمنها وإستقرارها وسلامة مواطنيها. بطبيعة الحال، معرفة الطّرف الذي يستعمل خطاب الكراهية والعنف ليست صعبة: فهو الطرف المتبنّي لوجهة النّظر الحمساوية الإيرانية الكارهة لليهود والمحرّضة ضدّهم وضدّ كل من قد تسوّل له نفسه أن يقول أيّ كلمة ضدّ حماس وقضيّتها الوهميّة التي تتاجر بها أو مع الحقّ الإسرائيلي. في هذه الحال، سيتمّ وصمك بالخيانة (خيانة من؟ أو خيانة ماذا؟ الأجوبة كثيرة ومتناقضة ولا علاقة لها بالواقع) والعمالة للغرب (اين أدلّة العمالة؟ أين الربح المادي؟ لا شيء) وإنعدام الشّرف (ما معنى الشّرف أصلا وما مقاييسه؟ لا أحد سيجيبك) وحتى تكفيرك (وما علاقة صراع سياسي أو حرب بالكفر والإيمان؟ لا علاقة) وتهديدك بالتّصفية، في إستعادة واضحة للطبيعة الهمجيّة التي زرعتها الثقافة القبليّة العروبيّة البدويّة الممزوجة والمتماهية مع الهمجيّة الإرهابيّة الإسلامية النابعة من القرٱن والسّنّة والأحاديث ونهيق الفقهاء ونباح الأئمة طوال أربعة عشر قرنا من هيمنة الرجعيّة الدينية وثقافة القطيع على العقول. وفي إطار هذا الإستقطاب، لم يسلم حتى المحايدون الذين يعبّرون عن عدم إهتمامهم بالموضوع أصلا. فكيف تقول انّك غير مهتمّ بما يحدث لـ"إخوانك في العروبة والإسلام"؟ كيف تقول أن هذه القضيّة "العادلة" (حسب السّردية العروبيّة الإسلاميّة، بطبيعة الحال) لا تهمّك؟ ألا ترى أن الغربيّين أنفسهم يدعمون الفلسطينيين ويساندون "حقّهم في الدّفاع عن أرضهم"؟ ألا ترى الطّلاب يتظاهرون في الجامعات الامريكية رافعين علم فلسطين؟ مجاهدو حماس يدافعون عن "شرف الأمّة"، فكيف لا يهمّك الأمر؟ أنت بلا شرف وخائن لإخوانك. أنت عميل للغرب الإستعماري. أنت صهيوني عربي. أنت متصهين. إلخ.

لا جدوى من الإستفاضة في ذكر شتّى النعوت والأوصاف والشتائم، إذ لا أعتقد أن هناك من لم تعترضه هذه الاشياء وهو يتصفّح المنشورات على مواقع التّواصل. ثم أن هذا ليس موضوع المقال، فقد أردت إبداء بعض الملاحظات حول أحد أبرز تجليات الإرهاب الإسلامي أو أحد أهم مداخله: إقصاء الٱخر المخالف.

تقوم العقلية العربية الإسلامية على فكرة أحاديّة لا تقبل شريكا، وهي في الحقيقة نتيجة طبيعيّة أو إنعكاس طبيعي لفكرة التوحيد ووحدانية الإله الذي لا شريك له ولا يريد أن يُشرك به. هذه الفكرة أهمّ مدخل من مداخل الدّيكتاتورية، سواء كانت سياسية، إجتماعية، عائلية، إلخ: ديكتاتورية الإله الواحد والدين الواحد والقائد الواحد والرأي الواحد والنمط الواحد واللباس الواحد والذوق الواحد. ولو إستعرضت تاريخ الشّعوب القديمة لرأيت قمّة التّعايش السّلمي (الذي يطلق عليه البعض، نفاقٔا، لفظ "تسامح"، وهو لفظ يستبطن فكرة عدم المساواة) عند الشّعوب متعدّدة الٱلهة مثل مصر القديمة، الإغريق، الرومان. وحتّى في السردية الإسلامية (رغم أنّها جزء من كومة أكاذيب ممتدّة على اربعة عشر قرنا تمّ ترسيخها بقوّة السّيف وغسيل الأدمغة كحقيقة دون أدلّة واضحة عدا ما نقله المسلمون، وهو في مجمله محاولات نرجسية لتعظيم دينهم ورموزه مليئة بالثغرات والتناقضات والقصص الخرافية) حتى في هذه السردية يحدثونك عن أن المكعّب الحجري المسمّى الكعبة كان قبل الإسلام محاطا بالكثير من التماثيل التي يسمّونها أصناما والتي تمثّل ٱلهة الكثير من القبائل.

يقول تقيّ الدين الفاسي: "وكان جملة ما بمكة من الأصنام حول الكعبة في يوم الفتح ثلاثمائة وستون صنما، على ما رويناه عن إبن عباس، ونصّ حديثه، قال: دخل رسول الله مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، منها ما قد شُدّ بالرّصاص، وطاف على راحلته وهو يقول: جاء الحق وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا، ويشير إليها، فما من صنم أشار إلى وجهه إلا وقع على دبره ولا أشار إلى دبره إلا وقع على وجهه، حتى وقعت كلّها." (تقيّ الدين الفاسي، "الزّهور المقتطفة من تاريخ مكّة المشرّفة"، الباب الأربعون، الطبعة الاولى، مكتبة الثقافة الدّينية، 2001, ص345)

بل وتخبرنا نفس السردية الإسلامية بأن كعبة قريش لم تكن الوحيدة في الجزيرة العربية، فقد كانت هناك 23 أو 24 كعبة مماثلة لكعبة مكّة يحجّ إليها العرب قبل الإسلام، من بينها كعبة اللاّت بالطّائف وكعبة مناة وكعبة العزى وكعبة غطفان وكعبة نجران وكعبة رئام وكعبة ذي الخلصة، إلخ (المصادر: جواد علي، "المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام" وإبن السائب الكلبي، "كتاب الأصنام") ورغم إختلاف أشكالها واحجامها من مكان إلى ٱخر، إلّا أنّها كلّها كانت بيوتا لٱلهة قبائل مختلفة. وأكثر من ذلك، كانت هناك في جزيرة العرب قبائل تدين باليهودية أو النصرانية (أريوسيّة أو نسطوريّة)... وحتى في قريش، كان هناك عائلات يهودية ونصرانيّة، ولعل أشهر مثال هو ورقة بن نوفل، إبن عمٌ خديجة بنت خويلد، الذي قيل عنه: "وأما ورقة بن نوفل فقد تنصّر، فاستحكم في النّصرانيّة، واتّبع الكتب من أهلها، حتّى علم علما كثيرا من أهل الكتاب". (إبن إسحاق، السّيرة النّبويّة، دار الكتب العلميّة، ج1، بيروت، 2004، ص162) لكن رغم كل هذا، لم تنقل لنا نفس السردية الإسلامية أن تلك القبائل ذوات الٱلهة المختلفة قد نشبت بينها حروب أو تمّت فيها جرائم بسبب إختلاف ٱلهتهم ومعتقداتهم. والحروب التي نُقلت لنا لأخبارها كانت أسبابها مادية بحتة متعلقة بالسيطرة على الموارد في تلك البيئة الصحراوية الشحيحة، أو شخصيّة كالعداوة بين شخصين أو طلبا لثأر. أما الجرائم فكانت في معظمها مرتكبة من طرف الصعاليك الخارجين عن قوانين وأعراف قبائلهم.

لم يُصبح الإختلاف مشكلة إلّا بإدّعاء محمد بن ٱمنة النّبوّة وإحتكاره لكلّ شيء: بداية من فكرة الإله (فإله الإسلام هو الوحيد الحقيقي وباقي الٱلهة أصنام وخرافات لا تنفع - رغم أنّ إله محمّد نفسه لم يثبت أنّه موجود أصلا، حتى نتساءل عن نفعه من عدمه). فتمّ تحطيم كل تماثيل ٱلهة العرب وإجبار أهل قريش على دخول الإسلام بحدّ السّيف وتمّ إضطهاد النّصارى واليهود وقتلهم وطردهم من أراضيهم. وتمّت تصفية كل من قال كلمة نقد أو سخرية في حقّ محمد أو قرٱنه أو ربّه. وقصّة النّضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط أبرز مثال على بداية تغلغل فكرة إقصاء الٱخر المخالف، ولو كانت هذه المخالفة مقتصرة على إبداء رأي أو إنتقاد فكرة. أنت تخالفني الرّأي، إذن أنت تستحقّ أن أقتلك.

والإسلام هو الدين الوحيد الذي يعرّف نفسه بإقصائه للٱخر. فحتى الشهادتان اللتان ينطقهما المسلم إقصاء. فالقول "أشهد أنّ لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله"، إضافة إلى كونها شهادة زور، تعني حرفيّا أن كلّ الٱلهة خرافات وأنّ الإله الوحيد والحقيقي هو الله الإسلامي. وبالتالي، فالإسلام بطبيعته مبني على تسفيه الديانات الأخرى وتكذيبها، عوض أن يكون مكتفيا بنفسه معرّفا لذاته بطريقة تتجنّب إفتعال المشاكل مع الٱخرين كالقول "أشهد أن إلهي هو الله"،

هذه بعض الملاحظات أردت أن أسوقها، وللحديث بقية.


🔴 زواج القاصرات: جريمة تتطلب وقفة جادة (مقال)

.

زواج القاصرات: جريمة تتطلب وقفة جادة


.

تعتبر قضية زواج القاصرات من أبرز القضايا التي تشغل الرأي العام العالمي، وتثير جدلاً واسعاً على المستويين الأخلاقي والقانوني. هذه الظاهرة، التي تتجذّر في أعماق بعض المجتمعات، تمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الطفل، وتؤثر بشكل كبير على مستقبله ومستقبل المجتمع بأكمله.
وتعرّف المادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل، بأنه "كل إنسانٍ لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سنّ الرّشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه". أما لغوياً، فيشير مصطلح "سنّ الرّشد" إلى السن الذي يصبح فيه الشخص بالغاً قانونياً، وعادة ما يكون سن الثامنة عشرة أو الحادية والعشرين. إذ يختار التعريف بعناية مصطلح "سن الرشد" في إشارة إلى المرحلة العقلية للإنسان وليس سن الرشد الجنسي.
من الناحية الأخلاقية، يعتبر زواج القاصرات جريمة لا تغتفر، وذلك لأنه انتهاك صريح وفاضح لحقوق الطفل، إذ يحرم زواج القاصرات الطفل من طفولته، ويحرمه من فرص التعليم والتطور، ويجعله يعيش حياة مليئة بالمسؤوليات التي لا تتناسب مع عمره. كما يمثل تدميرا لمستقبل الفتاة، إذ يتسبب زواج القاصرات في تدمير مستقبل الفتاة، حيث تحرم من حقها في اختيار شريك حياتها، وتتعرض للعنف والاستغلال، وتصبح عرضة للأمراض الجنسية والإنجاب المبكر مع كل المخاطر التي تصحبه. زيادة على ذلك، ينتهك هذا النوع من الزواج مبدأ المساواة بين الجنسين، فهو يكرس للتمييز ضد المرأة، حيث يتم الزواج بها وهي لا تزال طفلة، ولا تمتلك أي خبرة أو تجربة حياتية ولا القدرة على اتخاذ القرارات الخاصة بحياتها.
أما على المستوى القانوني، فتختلف التشريعات الخاصة بسن الزواج من دولة إلى أخرى، ولكن الغالبية العظمى من الدول تعتبر زواج القاصرات جريمة يعاقب عليها القانون. وتستند هذه التشريعات إلى مجموعة من المبادئ الأساسية، منها: حقوق الطفل، حيث تنص اتفاقية حقوق الطفل على أن الطفل له الحق في الحماية من جميع أشكال الاستغلال والاعتداء الجنسي، بما في ذلك الزواج المبكر. نجد أيضا من جملة هذه المبادئ المصلحة الفضلى للطفل التي يجب أن تكون الاعتبار الأساس في جميع القرارات التي تتعلق به، بما في ذلك قرار الزواج. هذا علاوة على مبدأ المساواة بين الجنسين الذي تكفله القوانين لحماية الفتيات الصغيرات من جميع أشكال التمييز.
وتتعدد أسباب زواج القاصرات في عصرنا، ولعل من أهمها إتباع العادات والتقاليد والإملاءات الدينية التي تلعب دوراً كبيراً في انتشار هذه الظاهرة، حيث تعتبر بعض المجتمعات الزواج المبكر جزءاً من التراث الثقافي، ويعتبر المسلمون زواج القاصرات أمرا إلهيّا وسنّة نبويّة إستنادا على القرٱن وعلى سيرة رسولهم في مسألة زواجه من عائشة ذات الست سنوات والدخول بها وهي بنت تسعٍ. ومن بين الأسباب الاكثر تأثيرا الفقر الذي يدفع الكثير من الأسر إلى تزويج بناتهن في سن مبكرة، اعتقاداً منهم أن ذلك سيوفر عليهم أعباء الإنفاق. مثلما تزجّ أسر أخرى بأطفالها في سوق الشغل لتحصيل بعض المال عوض إرسالهم للدراسة. وفي المجتمعات المسلمة، نجد أيضا الخوف من العار كأحد أهم الدوافع التي تجعل زواج القاصرات أمرا منتشرا، فتقوم بعض الأسر بتزويج بناتهن اللاتي ارتكبن أخطاء جنسية (أو حتى خوفا من إرتكابهن لأخطاء في المستقبل)، وذلك للحفاظ على شرف العائلة. فمفهوم الشرف عند العرب والمسلمين مرتبط إرتباطا وثيقا بفروج الإناث.
ومن يبحث عن الٱثار السلبية الناتجة عن زواج القاصرات سيجد الكثير من الأمور التي لا تكفي دراسة واحدة لحصرها، ومنها المشاكل الصحية الخطيرة التي تتعرض لها الفتيات المتزوجات في سن مبكرة، مثل مضاعفات الحمل والولادة، وأمراض الحوض، والعدوى المنقولة جنسياً. زيادة على المشاكل النفسية التي تعاني منها الفتيات في هذه الحالة مثل الاكتئاب والقلق، والشعور بالوحدة والعزلة. ومن بين النتائج السلبية نجد أيضا انخفاض مستوى التعليم، إذ يحرم زواج القاصرات الفتيات من حقهن في التعليم، مما يؤثر سلباً على مستقبلهن الاقتصادي والاجتماعي، كما يؤثر سلبيّا على المجتمع بأكمله بما أنّ المرأة تمثل نصفه.
لذلك، من واجب كل عاقل مكافحة ظاهرة زواج القاصرات. على المستوى الفردي، قد تكون التوعية أهم ما يمكن فعله لهذا الغرض. إذ يجب توعية المجتمع بأضرار زواج القاصرات، ومحاولة تغيير النظرة السائدة تجاه هذه الظاهرة بإعتبارها من العادات والتقاليد التي يجب الحفاظ عليها أو بإعتبارها أوامر قرٱنية وسنّة نبويّة يجب الإلتزام بها. أما على المستوى المجتمعي والسياسي، فيجب سنّ قوانين صارمة تعتبر زواج القاصرات جريمة ومعاقبة مرتكبيها وتوفير الحماية القانونية للفتيات. وليس مثل ما حدث في مجلس النواب العراقي الذي يسيطر عليه الشيعة، في سنة 2024، حيث تمت الموافقة على تعديل قانون الأحوال الشخصية وخفض سن الزواج من 18 إلى 15 للذكور وتسع سنوات للإناث. وأساس الفكرة عندهم دينيّة ومرتكزة على فتاوى الخميني سيء الذكر.
كما يجب تعزيز التعاون الدولي لمكافحة هذه الظاهرة، وتبادل الخبرات والمعلومات. وتمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً، وتعزيز دورها في لتكون عنصرا فاعلا في المجتمع وليس على هامشه.
إن زواج القاصرات جريمة كبرى ضد الإنسانية، وتتطلب تضافر الجهود للقضاء عليها. لذلك يجب على الحكومات والمجتمع المدني والأسرة والفرد أن يتحملوا مسؤولياتهم في مكافحة هذه الظاهرة، وحماية حقوق الأطفال، وبناء مجتمع أكثر عدالة ومساواة. لعل المستقبل يكون أفضل.
.

🔴 زواج القاصرات: جريمة تتطلب وقفة جادة (مقال)

.

زواج القاصرات: جريمة تتطلب وقفة جادة


.

تعتبر قضية زواج القاصرات من أبرز القضايا التي تشغل الرأي العام العالمي، وتثير جدلاً واسعاً على المستويين الأخلاقي والقانوني. هذه الظاهرة، التي تتجذّر في أعماق بعض المجتمعات، تمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الطفل، وتؤثر بشكل كبير على مستقبله ومستقبل المجتمع بأكمله.
وتعرّف المادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل، بأنه "كل إنسانٍ لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سنّ الرّشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه". أما لغوياً، فيشير مصطلح "سنّ الرّشد" إلى السن الذي يصبح فيه الشخص بالغاً قانونياً، وعادة ما يكون سن الثامنة عشرة أو الحادية والعشرين. إذ يختار التعريف بعناية مصطلح "سن الرشد" في إشارة إلى المرحلة العقلية للإنسان وليس سن الرشد الجنسي.
من الناحية الأخلاقية، يعتبر زواج القاصرات جريمة لا تغتفر، وذلك لأنه انتهاك صريح وفاضح لحقوق الطفل، إذ يحرم زواج القاصرات الطفل من طفولته، ويحرمه من فرص التعليم والتطور، ويجعله يعيش حياة مليئة بالمسؤوليات التي لا تتناسب مع عمره. كما يمثل تدميرا لمستقبل الفتاة، إذ يتسبب زواج القاصرات في تدمير مستقبل الفتاة، حيث تحرم من حقها في اختيار شريك حياتها، وتتعرض للعنف والاستغلال، وتصبح عرضة للأمراض الجنسية والإنجاب المبكر مع كل المخاطر التي تصحبه. زيادة على ذلك، ينتهك هذا النوع من الزواج مبدأ المساواة بين الجنسين، فهو يكرس للتمييز ضد المرأة، حيث يتم الزواج بها وهي لا تزال طفلة، ولا تمتلك أي خبرة أو تجربة حياتية ولا القدرة على اتخاذ القرارات الخاصة بحياتها.
أما على المستوى القانوني، فتختلف التشريعات الخاصة بسن الزواج من دولة إلى أخرى، ولكن الغالبية العظمى من الدول تعتبر زواج القاصرات جريمة يعاقب عليها القانون. وتستند هذه التشريعات إلى مجموعة من المبادئ الأساسية، منها: حقوق الطفل، حيث تنص اتفاقية حقوق الطفل على أن الطفل له الحق في الحماية من جميع أشكال الاستغلال والاعتداء الجنسي، بما في ذلك الزواج المبكر. نجد أيضا من جملة هذه المبادئ المصلحة الفضلى للطفل التي يجب أن تكون الاعتبار الأساس في جميع القرارات التي تتعلق به، بما في ذلك قرار الزواج. هذا علاوة على مبدأ المساواة بين الجنسين الذي تكفله القوانين لحماية الفتيات الصغيرات من جميع أشكال التمييز.
وتتعدد أسباب زواج القاصرات في عصرنا، ولعل من أهمها إتباع العادات والتقاليد والإملاءات الدينية التي تلعب دوراً كبيراً في انتشار هذه الظاهرة، حيث تعتبر بعض المجتمعات الزواج المبكر جزءاً من التراث الثقافي، ويعتبر المسلمون زواج القاصرات أمرا إلهيّا وسنّة نبويّة إستنادا على القرٱن وعلى سيرة رسولهم في مسألة زواجه من عائشة ذات الست سنوات والدخول بها وهي بنت تسعٍ. ومن بين الأسباب الاكثر تأثيرا الفقر الذي يدفع الكثير من الأسر إلى تزويج بناتهن في سن مبكرة، اعتقاداً منهم أن ذلك سيوفر عليهم أعباء الإنفاق. مثلما تزجّ أسر أخرى بأطفالها في سوق الشغل لتحصيل بعض المال عوض إرسالهم للدراسة. وفي المجتمعات المسلمة، نجد أيضا الخوف من العار كأحد أهم الدوافع التي تجعل زواج القاصرات أمرا منتشرا، فتقوم بعض الأسر بتزويج بناتهن اللاتي ارتكبن أخطاء جنسية (أو حتى خوفا من إرتكابهن لأخطاء في المستقبل)، وذلك للحفاظ على شرف العائلة. فمفهوم الشرف عند العرب والمسلمين مرتبط إرتباطا وثيقا بفروج الإناث.
ومن يبحث عن الٱثار السلبية الناتجة عن زواج القاصرات سيجد الكثير من الأمور التي لا تكفي دراسة واحدة لحصرها، ومنها المشاكل الصحية الخطيرة التي تتعرض لها الفتيات المتزوجات في سن مبكرة، مثل مضاعفات الحمل والولادة، وأمراض الحوض، والعدوى المنقولة جنسياً. زيادة على المشاكل النفسية التي تعاني منها الفتيات في هذه الحالة مثل الاكتئاب والقلق، والشعور بالوحدة والعزلة. ومن بين النتائج السلبية نجد أيضا انخفاض مستوى التعليم، إذ يحرم زواج القاصرات الفتيات من حقهن في التعليم، مما يؤثر سلباً على مستقبلهن الاقتصادي والاجتماعي، كما يؤثر سلبيّا على المجتمع بأكمله بما أنّ المرأة تمثل نصفه.
لذلك، من واجب كل عاقل مكافحة ظاهرة زواج القاصرات. على المستوى الفردي، قد تكون التوعية أهم ما يمكن فعله لهذا الغرض. إذ يجب توعية المجتمع بأضرار زواج القاصرات، ومحاولة تغيير النظرة السائدة تجاه هذه الظاهرة بإعتبارها من العادات والتقاليد التي يجب الحفاظ عليها أو بإعتبارها أوامر قرٱنية وسنّة نبويّة يجب الإلتزام بها. أما على المستوى المجتمعي والسياسي، فيجب سنّ قوانين صارمة تعتبر زواج القاصرات جريمة ومعاقبة مرتكبيها وتوفير الحماية القانونية للفتيات. وليس مثل ما حدث في مجلس النواب العراقي الذي يسيطر عليه الشيعة، في سنة 2024، حيث تمت الموافقة على تعديل قانون الأحوال الشخصية وخفض سن الزواج من 18 إلى 15 للذكور وتسع سنوات للإناث. وأساس الفكرة عندهم دينيّة ومرتكزة على فتاوى الخميني سيء الذكر.
كما يجب تعزيز التعاون الدولي لمكافحة هذه الظاهرة، وتبادل الخبرات والمعلومات. وتمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً، وتعزيز دورها في لتكون عنصرا فاعلا في المجتمع وليس على هامشه.
إن زواج القاصرات جريمة كبرى ضد الإنسانية، وتتطلب تضافر الجهود للقضاء عليها. لذلك يجب على الحكومات والمجتمع المدني والأسرة والفرد أن يتحملوا مسؤولياتهم في مكافحة هذه الظاهرة، وحماية حقوق الأطفال، وبناء مجتمع أكثر عدالة ومساواة. لعل المستقبل يكون أفضل.
.